
مناخ مختلف وأجواء ساحرة خلابة يتميز بها الجنوب الليبي تلك البيئة التي صنعت حياة وسكان لهم فنونهم الخاصة والمميزة والتي انتشر بعضها في العالم وظهرت في أفلام هوليود
فن الربط التاريخي الشهير
من أشهر فنون الجنوب، فن الربط وهو فن لغوي يقصد به القيد ويعرف أيضا بعلم الصوايب أو الأمثال الشعبية وهو نوع آخر من مدرسة الجد الشعبية، لكنه يميز أهل الجنوب الليبي، فالربط يعتبر وليد البيئة الفزانية حيث نشأ وترعرع بين أحضان الأجداد وكان علامة لحياة الناس الاجتماعية منذ القدم
الربط
في تعريف دارسي علم الموروث الشعبي هو نوع من الشعر المقفى بأسلوب مبطن وهو ليس بالأحجية ولا الفزورة ولكنه مخفي اللفظ واضح الدلالة لا يفهم مقصوده إلا الكيس الفطن، ويتكون الربط من بيتين في الغالب على هيئة سؤال وجواب يقال إما لفرد أو لجماعة من الناس، ولا يستطيع الإجابة عليه إلا العالم بتركيب ألفاظه ودلالة معانيه ومن لم يتمكن من الرد عليه، يقع في مصيدة الخضوع للرد الحازم والرادع من قبل شيخ الصواب أو الصوايب الموجود بالقرية ويكون عرضة للعقاب وعقابه دفع غرامة من النقود أو الشعير أو القمح ونحو ذلك.
فن الربط ليس فقط في تراث الجنوب لكنه منتشر في التراث الليبي بمسميات أخرى مختلفة حيث في المنطقة الشرقية لايزال هذا الفن المميز موجودا ويعرف باسم صوب خليل
ومن أشهر قصص الربط في تراث الجنوب الليبي تلك المناظرة التي حدثت بين فتاة خلعت غطاء رأسها في مزرعة وانكشف شعرها بينما حاول أحد الشباب النظر لها خلسة فشاهدته وحاول الفرار فقالت له:
مربوط ياولد مربوط..
مربوط في بير فيه السلاسل..
مفتاحه عند جبريل..
وجبريل في الجو حاصل..
ورد الشاب بذكاء ولم يقع في دفع الغرامة وقال:
لمقاط ما يربطني.. ولحبال ماهن قدايا..
والسلسلة اتخاف مني.. بلاحق تصدق امعايا..
فن الكريدي.. فن تساوة التاريخي
منذ 300 عام انتشر فن الكريدي في الجنوب الليبي خاصة في منطقة تساوة وأصبح يعزف في الأفراح والمآتم وكل المناسبات حتى موسم الزراعة والحصاد
الكريدي يعزف على طبلة كبيرة يدق عليها رجلان أو ثلاثة في وقت واحد وينشدون الأناشيد المعبرة عن المناسبة فكان هذا الفن علامة لكل مناسبة، فانتشر قديما في إعلان الزواج قبل يوم العرس بساعات وبكلمات محددة تعبر عن الفوز بالعروس وبدء حياة جديدة، وحتى في حالات الطلاق تستخدم كلمات تعبر عن ضرورة الفراق والابتعاد.
الكريدي ينتشر في تساوة بهذا الاسم ويوجد فن مشابه له في الجفرة والشاطئ لكن الكلمات تعبر عن مضمون مختلف لكن الإيقاع واحد في جميع المناطق وبنفس الأسلوب، ويخشى عازفي الكريدي من كبار السن من إندثار هذا الفن فيحاولون إحيائه ونشره مجددا
الزكرة فن ليبي عالمي
فن الزكرة تراث ليبي منتشر في الجنوب وفي جميع الأنحاء، فهو فلكلور شعبي يعتمد على الطبول والمزمار الذي يسمى “زكرة”وهو يتكون من قصبتين وينتهي بقرنيّ بقرة، وهو مشابه في الشكل للمزود التونسي، وتشبه مزمار القربة في جنوب وغرب ليبيا، وتعزف عن طريق الفم
يرتبط بفن الركزة بالرقص الشعبي والآداء الحركي الشعبي الليبي الذي يرتبط بالأفراح والاحتفالات، ويتم الرقص على أنغام الزكرة بشكل فردي أو الرقص الجماعي والذي يسمى رقص “الكسكا” الذي انتشر ووصل إلى للعالمية بعد أن شاهده العالم في فيلم “عمر المختار”وفيلم “الرسالة” فأصبح العالم يقلده ويؤدي حركاته.
يطور فنانو الزكرة في أساليبه بشكل مستمر ليواكب العصر ويجذب الانتباه ويعبر عن الفرحة بشكل مختلف كل يوم، وهو فن قريب من قلوب الليبيين ويعرفوه في المناطق وأثناء الترحال وفي الأعياد وحفلات التخرج والأعراس.
عندما تشاهد فنون الجنوب الليبي تشعر وكأنك تسافر عبر آلة الزمن تشاهد البلاد في الماضي وما ورثه سكانها ووصل معهم إلى المستقبل، يعبر عن مشاعرهم وعن هويتهم وعن أرواحهم.