تقارير ومقالات

” فزانّ _ إقليم بلا دولة “

نبض فزان

يشهد الجنوب الليبي، حالة من الفوضى المتزايدة بسبب التدفق غير المنضبط للاجئين، الأمر الذي أدى إلى تغييرات ديموغرافية تهدد استقرار المنطقة، وتؤكد غياب الدولة، ما يعزز مطالب أهالي فزان في العودة لسلطة الأقاليم الثلاثة التاريخية، حفاظا على حقوق الجميع في البلاد.

غياب الدولة وتفاقم الأزمات

تعاني ليبيا من ضعف السيطرة على الحدود الجنوبية، ما جعلها مفتوحة أمام موجات اللاجئين القادمين من دول الجوار واستباحته.

وهذا التدفق المستمر، خلق أزمات إنسانية وأمنية واقتصادية خطيرة، أبرزها ازدياد نشاط الجماعات المسلحة والاتجار بالبشر، إلى جانب الضغط المتزايد على الموارد المحلية وانهاكها.

المساعدات الأممية وترسيخ الفوضى

وفي ظل غياب الحلول الحكومية، أصبحت المساعدات الإنسانية التي تقدمها الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية البديل الأساسي لإدارة شؤون السكان في الجنوب.

غير أن هذا التدخل، بدلاً من أن يكون حلاً مؤقتًا، بات عاملاً مؤثراً في تعزيز الانقسام، حيث تتحول بعض المناطق إلى كيانات مستقلة تديرها جهات محلية بعيدًا عن سلطة الدولة المركزية.

جنوب بلا دولة

يشكل الجنوب، منطقة استراتيجية غنية بالثروات الطبيعية، لكنه لا يزال مهمشًا لسنوات طويلة، حتى باتت حدوده مفتوحة أمام موجات المهاجرين غير الشرعيين، والجماعات المسلحة، وشبكات الاتجار بالبشر والمخدرات.

وهذا الفراغ الأمني دفع القبائل والمكونات المحلية إلى البحث عن حلول بديلة لضمان الأمن والاستقرار، وسط عجز الحكومات المتعاقبة عن فرض سلطتها.

وفي الوقت الذي أعلنت فيه المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عن توزيع مساعدات إغاثية أساسية لأكثر من 1700 لاجئ في بلديات سبها وبراك الشاطئ وأوباري بالجنوب الليبي خلال الأسبوع الماضي، في خطوة تؤكد تزايد الاعتماد على المساعدات الدولية في ظل غياب دور الدولة المركزية، حصل 500 فرد من المجتمعات الليبية المضيفة للاجئين في هذه المدن على مساعدات مماثلة في دولة نفطية!!

ويرى مراقبون أن، استمرار تقديم المساعدات الدولية بهذا الشكل، دون تدخل حكومي فعّال، لمعالجة الأزمات والمشاكل الموجودة، يرسّخ واقعًا يكرّس فكرة الإدارة الذاتية للجنوب، ويدعم مطالب القوى المحلية المشروعة بالحكم الذاتي، في ظل ضعف دور الدولة في إدارة شؤون المنطقة.

أرقام مقلقة حول تدفق اللاجئين
وفقًا للبيانات الأممية، وصل أكثر من 210 آلاف لاجئ سوداني إلى ليبيا منذ بداية الأزمة، بينهم 55,828 لاجئًا مسجلون رسميًا لدى المفوضية الأممية في طرابلس. كما أوضحت التقارير أن مدينة الكفرة وحدها استقبلت 173 ألف لاجئ سوداني.

احتياجات إنسانية ملحّة

تشير التقارير إلى، أن تزايد تدفق اللاجئين فاقم الأوضاع الإنسانية، خاصة في مجالات الصحة والمياه والصرف الصحي والغذاء والمأوى. فيما يواجه العديد من اللاجئين ظروفًا صحية مقلقة، مع ضعف البنية التحتية للمياه والصرف الصحي، ما يزيد من خطر انتشار الأمراض، وكل هذا في غياب الدولة!!

وهكذا يظل الجنوب في قلب الصراع، حيث تتصارع المجموعات المحلية، والقوى العسكرية، والتدخلات الخارجية على النفوذ، فيما تظل الأوضاع الإنسانية والأمنية لكافة سكانه متدهورة وصعبة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى