
جاءت الزيارة الأخيرة لخليفة حفتر إلى فرنسا، والتي لم يعلن عنها من قبل، لتكشف دور عرّاب القواعد الأجنبية العسكرية في ليبيا، والتي يقوم بها خدمة للغرب وضد المصالح الليبية العليا.
واستقبل الرئيس الفرنسي ماكرون، خليفة حفتر في قصر الإليزيه، وكشفت مصادر دبلوماسية أن المباحثات تركزت بين الجانبين على الملفات الأمنية والعسكرية، إضافة إلى تطورات المشهد السياسي في ليبيا وتأثير التغيرات الإقليمية على الاستقرار في البلاد.

ترتيبات أمنية
وتسعى باريس إلى تأمين دور لها في الترتيبات الأمنية والسياسية المستقبلية، خاصة في ظل التقارب المتزايد بين حفتر وبعض القوى الدولية مثل روسيا وبيلاروسيا.
وأعربت باريس، وفق المصادر عن مخاوفها من تزايد النفوذ الروسي في شمال إفريقيا، خاصة مع التقارير التي تشير إلى استمرار وجود عناصر “فاغنر” في ليبيا حتى بعد تغيير هيكلها الإداري تحت القيادة الروسية.
تعزيز الوجود الفرنسي في قاعدة “ألويغ”
ومن بين القضايا، التي تمت مناقشتها أيضًا، إمكانية تعزيز الحضور الفرنسي في قاعدة “ألويغ” العسكرية، الواقعة على الحدود الليبية- النيجيرية.

وتعتبر هذه القاعدة نقطة استراتيجية لفرنسا في مراقبة التحركات العسكرية في جنوب ليبيا، وتأمين المصالح الفرنسية في منطقة الساحل، خصوصًا بعد أن أصبحت باريس تواجه صعوبة في الحفاظ على نفوذها العسكري في دول المنطقة.
وتشير تقارير، إلى أن باريس تسعى لضمان عدم تحول حفتر إلى حليف استراتيجي لموسكو، ما قد يؤثر على المصالح الفرنسية في ليبيا والمنطقة.
وكشف خبراء، أن حفتر قدم ضمانات لفرنسا والأوروبيين خلال الزيارة، خاصة أنها جاءت بناءً على طلبه، في محاولة لتعزيز دوره في أي تسوية سياسية مستقبلية.

استقطاب الغرب
وبرز دور حفتر، كأحد أبرز الشخصيات التي لعبت دورًا محوريًا في استقطاب النفوذ العسكري الأجنبي إلى ليبيا منذ 2011، فمنذ بدء الصراع الليبي، اعتمد حفتر على تحالفات خارجية لتثبيت سلطته، ما جعله يفتح المجال أمام قوى دولية لإقامة قواعد عسكرية على الأراضي الليبية، خاصة في الشرق.
وتشير تقارير استخباراتية إلى أن روسيا حصلت على امتيازات عسكرية في بعض القواعد الجوية مثل قاعدة الخادم بالقرب من بنغازي، إضافة إلى ترتيبات لتوسيع تواجدها البحري في ميناء طبرق. ويسمح هذا التوسع لموسكو بتعزيز نفوذها في البحر المتوسط، في خطوة تشكل مصدر قلق للغرب، وخاصة الولايات المتحدة وفرنسا.
ومن ناحية ثانية، تسعى إيطاليا للحفاظ على نفوذها في الغرب الليبي، وتحديدًا عبر قاعدة مصراتة الجوية، التي تستخدمها القوات الأمريكية أيضًا لتنفيذ عمليات في المنطقة.

وفي ظل مشهد معقد في ليبيا، يحاول حفتر استغلال الورقة العسكرية الأجنبية لصالحه. فيما يبقى ملف القواعد العسكرية الأجنبية أحد أكثر القضايا حساسية في مستقبل البلاد، حيث يسعى حفتر للحفاظ على نفوذه الإقليمي، حتى لو كان ذلك على حساب السيادة الوطنية الليبية.