التهريب والاتجار بالبشر_ أمن الجنوب المفقود وحدوده المستباحة

في ظل انعدام الأمن وسيطرة الميليشيات وغياب المساءلة، بات الجنوب الليبي مسرحاً لعصابات التهريب، وملعباً لتجار البشر الذين لم يتركوا جرماً إلا ارتكبوه، ولا قانوناً إلا انتهكوه، وصارت العصابات تتحكم في الحدود، فحولتها إلى مسالك ودروب لتهريب المهاجرين الأفارقة وغيرهم من الراغبين في التوجه إلى أوروبا عبر الأراضي الليبية وبوابتها الجنوبية الغربية.

العصابات الإجرامية التي تعمل بأريحية في الجنوب دون عقاب رادع، تتلقى دعماً من جهات معلومة توفر لها الغطاء والحماية وتمدها بالسلاح لتتشارك معها الأرباح وتتقاسم معها ما تُدِرُهُ تلك التجارة الآثمة والمحرمة دولياً، من مكاسب طائلة، الأمرُ الذي ظهر مؤخراً عندما دارت اشتباكات بين الميليشيات التابعة لتك الجهات بهدف الاستئثار بالسيطرة على خطوط التهريب في الجنوب..
النشاطات المشبوهة لتلك العصابات حولت بعض مناطق الجنوب إلى بؤر إجرامية خطيرة حيث انتشار المرتزقة والخارجين على القانون، ما أدى لانعدام الأمن وانتشار الجريمة وعدم الاستقرار ما يزيد معاناة السكان في ظل حالة السيولة الأمنية التي يعانيها الإقليم وما تخلفه من أزمات اجتماعية واقتصادية.

وبرغم ما تمثله تلك الظاهرة من خطورة على أمن الجنوب وسكانه، يمارس المنتفعون في الشرق والغرب ممن يطلقون على أنفسهم مسؤولين، تجارة لكن على مستوى أكبر وأعلى، حيث يتاجرون بأمن البلاد ومستقبل العباد، فيساومون دول أوروبا ويسوقون أنفسهم على أنهم من يتحكم في تلك المسألة وأنهم بإمكانهم حماية العواصم الأوروبية من جحافل المهاجرين الأفارقة لكسب بعض الشرعية المزعومة والحيثية الموهومة وملء أرصدتهم الخاصة في البنوك، بينما الواقع أنهم يساومون على أمن الجنوب ويوفرون الحماية لتلك العصابات ويبيعون المهاجرين ومعهم أهل الجنوب بثمن بخس لا يعدل في حكم التاريخ دراهم معدودة..