استقلال القرار الداخلي _ خطوة نحو الحل

منذ سقوط النظام السابق عام 2011، تعيش ليبيا في دوامة من الصراع السياسي والعسكري، ما دفع البعض إلى البحث عن حلول بديلة، أبرزها العودة إلى نظام الفيدرالية الذي اعتمدته البلاد بعد الاستقلال عام 1951.
ويقوم هذا النظام على تقسيم البلاد إلى ثلاثة أقاليم رئيسية: برقة شرقًا، طرابلس غربًا، وفزان جنوبًا، لضمان توزيع عادل للثروات وإنهاء حالة الفوضى المستمرة.

وجاءت دعوة نائب المجلس الرئاسي، موسى الكوني، إلى تطبيق نظام الأقاليم الثلاثة مع مجالس تشريعية مستقلة، كخطوة نحو تحقيق الاستقرار، وذلك خلال لقائه مع سفير المملكة المتحدة لدى ليبيا، مارتن لونغدن، ما أثار ردود فعل متباينة بين المؤيدين والمعارضين.
رؤية الكوني لنظام الأقاليم الثلاثة
وأكد الكوني أن اعتماد نظام المحافظات كسلطة تنفيذية سيساهم في ضمان حقوق جميع مكونات الشعب الليبي عبر توزيع الميزانيات مباشرة، وإدارة المشاريع والخدمات على المستوى المحلي، مما يخفف الضغط عن العاصمة ويعزز فعالية مؤسسات الدولة.

الفيدرالية.. بين الممكن والمستحيل
والفيدرالية، هي نظام حكم يمنح الأقاليم استقلالية إدارية وسياسية ضمن الدولة الواحدة، حيث تحتفظ الحكومة المركزية بالصلاحيات السيادية مثل الدفاع والسياسة الخارجية، بينما تتمتع الأقاليم بسلطات واسعة في إدارة شؤونها.
ويرى أنصار الفيدرالية أن النظام الحالي لم ينجح في تحقيق العدالة في توزيع الموارد، إذ تسيطر بعض القوى على مقدرات الدولة، ما أدى إلى تهميش بعض المناطق، خاصة في الجنوب. بينما يحذر المعارضون من أن الفيدرالية قد تؤدي إلى تقسيم ليبيا فعليًا، خصوصًا مع التوترات القبلية والإقليمية وغياب مؤسسات قوية قادرة على إدارة الأقاليم بشكل ناجح.

البديل.. اللامركزية بدلًا من الفيدرالية؟.
ويقترح بعض الخبراء أن يكون الحل الوسط بين النظام المركزي والفيدرالي هو منح البلديات صلاحيات أوسع ضمن نظام لامركزي، بحيث يتمكن كل إقليم من إدارة شؤونه دون الحاجة إلى تغيير شكل الدولة بالكامل.
ويمكن لهذا النموذج أن يساعد في تخفيف التوترات وتحقيق توزيع أكثر عدالة للثروات، دون تعريض وحدة البلاد للخطر.
مستقبل ليبيا بين الفيدرالية واللامركزية
ويرى البعض أن دعوات الفيدرالية تعكس إحساس بعض الأقاليم، خاصة الجنوب، بالتهميش، مما يجعل الفيدرالية خيارًا لضمان التوزيع العادل للسلطة والثروة.

ومن اللافت أن، الدعوات لاستعادة الفيدرالية لم تقتصر على فزان، إذ سبق أن طالب ملتقى “مكونات إقليم برقة” بفك الارتباط مع حكومة الغرب، وتشكيل حكومة اتحادية بالإقليم، استنادًا إلى دستور عام 1951 غير المعدل، احتجاجًا على سيطرة المركز على موارد الدولة واستمرار التردي الاقتصادي.