ليبيا

“الاستقلال.. حلم الجنوب”

«وادي الشاطيء ووادي الحياة. جف الشاطيء وأضحت الحياة ضنكًا».. هكذا الحال في منطقتين من أشهر مناطق الجنوب الليبي فزان الذي يعيش حالة من التهميش المتأصل والإهمال المتعمد وكأن هذا الإقليم المكلوم قُدر له العيش محروم، يرى خيرات الحياة تعبر أمامه ويداه مبتورتان لا يحق لهما أن يحتضنا خيرات أرضهم، أهل الإقليم يحلمون برغد العيش ليستيقظون على أنين الجوع، يطمحون في غدٍ أفضل ليصدموا بحاضر شحيح لا يكفل لهما حياة آدمية تليق بابن آدم، رغم أن أرضهم بالخير تنضح وبالثروات تزدحم.

«فزان» أحد أقاليم ليبيا الثلاثة، ومساحته التي تزيد عن نصف مليون متر مربع ويقطنه ما يزيد عن نصف مليون نسمة يأبى جميعهم أن يرفعوا راية الاستسلام للموت موجهين سبابتهم نحو جرس الإنذار يضغطون عليه بكل ما آوتوا من قوة أو قُل بما تبقى لهم من قوة دحرها وهن الجوع والحرمان، محذرين ومشددين من غضب يأتي على الأخضر واليابس، غضب ساطع يحمل بين طياته ذكريات مؤلمة، فمنهما من فقد عزيز جوعًا وعطشًا، أو فقد ضناه أمام عيناه بعد أن تشققت قدماه بحثًا عن دواء شح وجوده أو حال بينهما ضيق ذات اليد، غضب لن يسلم منه طيرًا أو بشر.

«فزان» أو قُل بلاد النخل والتمر الكثير وهو أحد أسباب تسميتها، تضم مع النخل والتمر معظم حقول النفط في ليبيا المصدر الرئيسي للثروة والدخل في البلاد حيث تمتلك حقل الشرارة الذي ينتج حوالي 360 ألف برميل من النفط يوميًا، وحقل الفيل والذي يبلغ إنتاجه حوالي 75 ألف برميل يوميًا، ما يعني أن ثُلت إنتاج ليبيا من النفط يأتي من فزان، ولكنه مُحرم على أهلها، يشتمون رائحته ويرون سواد لونه ولكنهم محرومون من خيره، حيث يتراص أبناء الإقليم طوابير على محطات الوقود أملًا في الحصول على ما يروى ظمأهم ويوفي خدماتهم في رحلة يومية مؤلمة نهايتها ليست أبدًا سعيدة حتى لو حصلوا على الوقود الذي تبلغ قيمته حينها عشرة أضعاف سعره في مدن الساحل أول الشرق وباقي المدن الليبية.

«الماء أين الماء دلوا أهالي فزان على السبيل».. هل نصف مليون برميل يوميًا ينتجهم النهر الصناعي في الجنوب لا يحق لأهل فزان شربة ماء منه تروي عطشهم؟ هل كُتب على أهالي الإقليم أن يحيوا حُراس على الثروات وفقط؟ من ينقذ أهالي فزان ويعيدهم سيرتهم الأولى مُستقلين إداريًا وماديًا، اجتماعيًا وعسكريًا، لديهم قوت يومهم ينعمون به وكيف لا وهم الأحق بخيرات أرضهم.

استقلال فزان لا يعني التقسيم أو الانهيار كما يتشدق به البعض زورًا وبهتانًا من أجل شيطنة أهالي الجنوب ولكنه حق معلوم يواري سوءة المحروم الذي سقط طيلة السنوات الماضية ضحية صراعات سياسية وعسكرية من أجل السيطرة ثروات الإقليم والزج به في لعبة الحسابات السياسية دون اكتراث من أحد بالمواطن المأزوم بل سيطرت الجماعة الإرهابية وأباطرة تهريب البشر والإتجار في كل شيء على حدود الإقليم الفارغ من المؤسسات الليبية الرسمية التي أصبحت حكرًا على الشرق والغرب وكأن أرض فزان لا تصلح لبناء المؤسسات الرسمية.

أهالي فزان عن السلع يبحثون ومن لقمة العيش محرومون، للبطالة سقطوا فريسة سهلة، ومن غلاء العيش أضحوا يأنون، يحلمون بيومًا للاستقلال يعيد لهم كرامتهم المُهدرة وروحهم المُنهكة بحثًا عن أساسيات الحياة التي تحولت إلى طموحات صعبة المنال بفعل فاعل عن مصالحه الشخصية يبحث وفقط.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى