البعثة الأممية _ محاولةٌ للحل أم تكريسٌ للأزمة

سؤالٌ مُلحٌ تطرحه الأوضاع الحالية في البلاد وما يصاحبها من أزمات خاصة في الجنوب المظلوم والمهمش، حول الدور الحقيقي للبعثة الأممية وجدوى وجودها وما قدمته من مساهمات للوصول إلى الحل المفقود.
فعلى مدار نحو أربعة عشر عاماً تعلقت أنظار الليبيين بالبعثة الأممية انتظاراً لحل ينهي أزمات البلاد ويمهد الطريق أمام مستقبل ينال فيه الجميع ما يستحق، لكن الواقع عكس ذلك.
وبدلاً من أن تمارس البعثة دورها المنوط بها في الأخذ بعين الاعتبار كل مكونات المجتمع الليبي، تعاملت مع الأزمة وكانها شرق وغرب فقط دون اعتبار للجنوب، وبدلاً من التمثيل الحقيقي للجميع حصرت البعثة المشاورات والمداولات والاجتماعات بين برقة وطرابلس دون النظر إلى فزان.
وبينما كان من المفترض وضع خطط واضحة بجدول زمني محدد ومراحل متتابعة بخطوات تفصيلية مجدولة، وجد الليبيون أنفسهم إزاء تصورات فضفاضة وأطروحات مليئة بالثغرات وخطوات مفخخة يسهل على كل منتفع تفجيرها وتعطيلها في أي وقت أراد.
وفي حين يعاني سكان الجنوب العديد من الأزمات والحرمان من أبسط حقوقهم المشروعة سياسياً واقتصادياً وإنسانياً، لم تتخذ البعثة الأممية خطوات جادة في الإشارة بأصابع الاتهام للمسؤولين عن إهدار ثروات البلاد ونهب مقدرات العباد خاصة في الجنوب المحروم.
وبعد عقدٍ ونصفٍ من الزمان تَعاقَب فيها على البعثة أكثرُ من عشرة ممثلين للهيئة الأممية، لا تزال الأزمةُ تُراوحُ مكانها ولا ينفكُ أهلُ الجنوب عن إعلان حاجتهم الماسة لتمثيلٍ حقيقي يمنع تهميشهم، وعدالةٍ ناجزة تمنحهم حقوقهم، وحلولٍ واقعيةٍ ترفعُ ما حلَّ بهم من ظلم وما وقع عليهم من جور..