تقارير ومقالات

الموت يُعشش على الطرقات _ فزان بين المطرقة و السندان

تحولت الطرق في المنطقة الجنوبية إلى مصدر خطر يومي يهدد حياة المواطنين، حيث تتسبب البنية التحتية المتهالكة في وقوع حوادث سير مميتة، وسط غياب شبه تام لأعمال الصيانة الدورية.

وأصبحت هذه الطرق تُعرف بين الأهالي بـ”طرق الموت”، بسبب ارتفاع معدلات الحوادث التي تودي بحياة العشرات سنويًا.

ويواجه سكان الجنوب معاناة متزايدة، بسبب تردي أوضاع الطرق، حيث لم تشهد معظمها أي عمليات صيانة منذ سنوات، ما جعلها غير صالحة لحركة المركبات.

ويؤكد مواطنو الجنوب، أن استمرار الإهمال يحصد الأرواح ويعرقل التنقل بين المدن، ما يؤثر بشكل مباشر على حياة المواطنين ويزيد من صعوبة السفر والتجارة في المنطقة.

ووجّه مسؤول سابق انتقادات لاذعة للحكومات المتعاقبة، معتبرًا أن ما يحدث في الجنوب ليس مجرد سوء إدارة، بل “جريمة مكتملة الأركان”.

وأشار إلى أن معظم الرحلات من الجنوب إلى طرابلس ليست للترفيه، بل للحصول على خدمات أساسية غير متوفرة في المنطقة، مثل العلاج وقضاء المصالح الحكومية.

والأمثلة على تدهور البنية التحتية وتهالك الطرق في المنطقة الجنوبية متعددة، ومنها مثلا الحال في وادي الشاطئ ووادي البوانيس ووادي الآجال.

انهيار شبه كامل في البنية التحتية بوادي الشاطىء

حيث تعاني منطقة وادي الشاطئ، الواقعة جنوب غرب ليبيا، من انهيار شبه كامل في البنية التحتية، ما جعل الحياة اليومية للسكان أكثر صعوبة، فالطريق الرئيسي الممتد لمسافة 170 كيلومترًا، والذي يعد الشريان الوحيد للمنطقة، يعاني من تهالك شديد وغياب العلامات الإرشادية، ما يؤدي إلى ارتفاع معدلات الحوادث المرورية.

كما انعكست هذه الأوضاع المتردية على الخدمات الأساسية، حيث تواجه المدارس نقصًا حادًا في التجهيزات، وتعاني المراكز الصحية من شُح في الأدوية والمعدات الطبية، ما يدفع المرضى إلى قطع مسافات طويلة بحثًا عن العلاج.

تردي البنية التحتية في المنطقة الجنوبية، لم يؤثر فقط على حركة التنقل، بل أدى أيضًا إلى ارتفاع تكاليف النقل، مما تسبب في زيادة أسعار السلع الأساسية وصعوبة وصول الطلاب إلى مدارسهم، كما اضطر بعض السكان إلى الهجرة من المنطقة بحثًا عن حياة أفضل، في ظل استمرار غياب المشاريع التنموية التي من شأنها تحسين الأوضاع.

وادي البوانيس.. طرق متآكلة وحوادث متزايدة

لا يختلف الوضع كثيرًا في وادي البوانيس، حيث تعاني المنطقة من انهيار كامل في شبكة الطرق، وسط غياب أعمال الصيانة لسنوات طويلة، وتُعد مشكلة زحف الرمال على طريق سبها – الشاطئ من أبرز التحديات، مما يزيد من خطورة التنقل بين المدن.

وادي الآجال يواجه كارثة إنسانية

تعيش مدن وادي الآجال في الجنوب على وقع مأساة جديدة كل فترة، بسبب الطريق الرابط بين أوباري وسبها، المعروف بسمعته السيئة. فهذا الطريق، بات مصيدة لأرواح السكان، ويشهد حوادث قاتله بشكل مستمر، وسط غياب أي إجراءات لتحسين البنية التحتية أو تعزيز معايير السلامة.

ورغم افتقار طرق المنطقة لأي معايير أمان، فإنها تظل الوسيلة الوحيدة أمام المواطنين للوصول إلى وجهاتهم، ما يجعل كل رحلة أشبه بـ”مشروع انتحار”، ولا يملك سكان الجنوب خيارًا آخر سوى عبور هذا الطريق الوحيد الذي يربط بين أوباري وسبها، وهو ذات الطريق المؤدي إلى حقلي الشرارة والفيل النفطيين، اللذين يعدان من أكبر الحقول الليبية ويمدان خزينة الدولة بإيرادات مالية ضخمة.

وطالب الأهالي بضرورة تدخل الحكومة لإصلاح شبكة الطرق المتهالكة، وتحسين البنية التحتية.

تهميش وإهمال وفساد وشعب يئن ضحية راعي لم يخلص في مسئوليته، معاناة تنتظر من يرفع عنها البلاء قبل أن تتحول إلى قنبلة موقوتة تأتي على الأخضر واليابس.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى