فزان_ إقليم تائه بين أكاذيب الشرق وأطماع الغرب

وكأن العدالة لا تطبق سوى في فزان، فبذريعة الحفاظ على الأمن وضبط الخارجين عن القانون، تنفذ القوات التابعة لحفتر عمليتها العسكرية الموسعة في كافة أرجاء فزان.
حجم القوى العسكرية وسعة انتشارها واصطفافها تثير الشك حول الأسباب الحقيقة وراء تلك العملية، هل حقا لمطاردة من أسمتهم تلك القوات في بيانات التي تتشدق بها ليلا نهارا، للميليشيات والخارجين عن القانون، أم هناك غرض خفي آخر؟.
فبالنظر لديمغرافية فزان وجغرافيتها فضلا عن قيمتها الاقتصادية لكونها منبع رئيسي للنفط وكنز تاريخي ضخم، سنجد أن كل ما يحدث بها ليس محض صدفة، ولا لدوافع أمينة كما تدعي قوات حفتر.
ففي حقيقة الأمر، قد تحولت فزان لبؤرة صراعات مزدوجة بين جبهتي الشرق والغرب، يسعى كليهما لبسط سيطرته عليها، كونها تمثل ثورة سياسية واقتصادية هائلة.
وبضم فزان لأيا من الجبهتين سيصبح ثقل الجبهة الرابحة هو الأقوى، حيث ستسيطر على الحدود الجنوبية الغربية، وستصبح مالكة للبوابة الأفريقية، ستسيطر على حقول النفط المهولة، وعلى منطقة سياحية تزخر بالكثير من الثقافات والخيرات والتاريخ، فضلا عن ما تمتلكه من ثروة بشرية هائلة تقترب من ال600 ألف نسمة.
كل تلك الخيرات في موازين القوة يعني الكثير والكثير، لذلك فليس غريب أن ينقل الغرب والشرق صراعهما لقلب الإقليم في محاولة للسيطرة عليه، وامتلاك القوى الأكبر، وهو ما تسابقت فيه حاليا قوات حفتر، التي أغرقت الإقليم برجالها وكأنها حرب ضد محتل أو عدو.
فحري بكلاهما ترك تلك الأرض لأبنائها، فأهل فزان أولى بالدفاع عنها ومقاومة أي شر أو فساد، إن وجد، كما يدعون، فزان لا تقل قوى عن طرابلس أو بنغازي، لكن كل ما ينقصها أو انتزاع حقها من فم منطقتي السيطرة العسكرية والسياسية، كل ما ينقصها هو الدفاع عن حقوقها والتمتع بحكم سياسي وإداري منفصل، حينها ستصبح فزان آمنة، وستعود لؤلؤة الصحراء وأرض النخيل لما كانت عليه في سابق عهدها.